الأقصر تزرع الأمل.. قفزات على طريق «التحول الأخضر» ومجتمعات قادرة على الصمود

»

 

في عمق صعيد مصر، وبين الحقول القديمة التي ورثها الفلاحون عن أجدادهم، تشهد محافظة الأقصر تحولًا بيئياً وتنموياً ملحوظاً، تقوده المجتمعات المحلية، بدعم من برنامج المنح الصغيرة، التابع لمرفق البيئة العالمية (GEF/SGP)، ضمن مشروعات المرحلة العملية السابعة في مصر، والتي تركز على التكيف مع آثار التغيرات المناخية، وبناء مجتمعات زراعية مرنة ومستدامة.

الطاقة الشمسية.. ري نظيف للمستقبل

في خطوة غير مسبوقة بالمنطقة، أعلنت جمعية «أم القرى لتنمية المجتمع» بإسنا عن تنفيذ محطة ري تعمل بالطاقة الشمسية، ضمن مشروعها الطموح «بادر – نحو مستقبل أخضر بإسنا»، الذي يستهدف تحويل نظم الري في الأراضي الزراعية إلى نظم مستدامة وموفرة للطاقة والمياه،، وتُعد المحطة المرتقبة بداية مسار طويل من تقليل الاعتماد على السولار وخفض الانبعاثات، إلى جانب دعم المزارعين في مواجهة تكاليف الإنتاج والتقلبات المناخية، ما يُمهّد الطريق نحو أمن زراعي أكثر استدامة وعدالة.

المرأة في قلب الزراعة المستدامة

ولأن التغيير البيئي لا يُبنى بالطاقة وحدها، بل بالعقول والكوادر، فقد نظمت جمعية «رواد المستقبل للتنمية الاقتصادية» بالمحاميد بحري، بمركز أرمنت، زيارة تعليمية إلى مشتل شتلات قصب السكر في مركز إسنا، ضمن مشروع «معاً من أجل بناء مجتمعات زراعية مستدامة»، وبالتعاون مع محطة بحوث مصر العلي، حيث شارك في هذه الزيارة مجموعة من السيدات والفتيات المهتمات بالزراعة، تعرفن خلالها على فوائد زراعة الشتلات مقارنةً بالغرس التقليدي، وأثر ذلك في ترشيد استهلاك المياه، ورفع الإنتاجية، وتحسين جودة المحصول، الزيارة لم تكن مجرد تدريب، بل كانت بداية لـ«تمكين حقيقي» للمرأة الريفية، كي تُصبح فاعلة في صناعة القرار الزراعي، وصاحبة معرفة وتقنية.

قرى خضراء ومجتمعات مرنة

التحول في إسنا لا يقتصر على هذين المشروعين فقط، بل يمتد ليشمل مبادرات أخرى، تتكامل في الرؤية وتتنوع في الأدوات، من بينها مشروع «تطبيقات الزراعة المتجددة لمواجهة آثار التغيرات المناخية»، الذي تنفذه «الجمعية القبطية للرعاية الاجتماعية»، ويهدف إلى دعم الفلاحين بأساليب زراعية منخفضة الانبعاثات، تعتمد على إدارة الموارد الطبيعية بذكاء وكفاءة، وكذلك مشروع «معاً من أجل بناء مرونة مناخية – قرية خضراء»، الذي تنفذه جمعية «معاً للتنمية» بقرية «أصفون»، والذي يسعى إلى تحويل مفاهيم التكيف المناخي إلى واقع ملموس، من خلال زراعة الأشجار، وتحسين ممارسات الري، وتوعية السكان بحقهم في بيئة صحية آمن.

إسنا.. من التهميش إلى الريادة الخضراء

ما يجري في إسنا ليس فقط سلسلة من المشروعات البيئية، بل حالة تنموية متكاملة، تشهد التقاء التكنولوجيا النظيفة مع التمكين الاجتماعي، وترفع شعار «الحلول تأتي من الأرض، وتبدأ من الناس»، وبدعم من برنامج المنح الصغيرة، ومشاركة الأهالي، وتفاعل الجمعيات الأهلية، تتحول قرى إسنا إلى مختبر مفتوح للتنمية المستدامة، يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وأرضه، بين البيئة والمجتمع.

ما يجمع بين محطة الري بالطاقة الشمسية، ومشتل قصب السكر، وتطبيقات الزراعة المتجددة، وقرى المرونة المناخية، هو فكرة واحدة نبيلة، مفادها أن التنمية الحقيقية لا تُفرض من الخارج، بل تُزرع من الداخل، وتُروى بمعرفة المجتمع، وإصراره على صناعة مستقبل أفضل، لنفسه ولأحفاده، ويبدو أن محافظة الأقصر، بتاريخها العظيم وحاضرها المتعطش للعدالة البيئية، تستعد لتكون نموذجاً إقليمياً يُحتذى به في مواجهة التغيرات المناخية، وبناء مجتمعات قادرة على الصمود في مواجهة التحديات المختلفة.

بوابة الأمة هي منصتك الإخبارية الشاملة التي تواكب تطورات الأحداث لحظة بلحظة بموضوعية وشفافية. نقدم تغطية إخبارية متجددة عبر قسم أخبار، ونرصد القضايا الدولية في قلب العالم، ونتابع الاقتصاد والأسواق في بيزنس. لعشاق السيارات والمواصلات، يوفر تراك كل جديد، بينما يجمع أوت شوت بين الرياضة والترفيه. نهتم بالتعليم من خلال تعليم وجامعات، ونسلط الضوء على القضايا المجتمعية والأسرة في أهالينا. تابعنا لتحصل على المعلومة الموثوقة وقت حدوث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى